فصل: مناسبة الآية لما قبلها:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.من لطائف وفوائد المفسرين:

من لطائف القشيري في الآية:
قال عليه الرحمة:
قوله جلّ ذكره: {وَبَيْنَهُمَا حٍجَابٌ}.
ذلك الحجاب الذي بينهما حصل من الحجاب السابق؛ لمَّا حُجِبُوا في الابتداء في سابق القسمة عما خُصَّ به المؤمنون من القربة والزلفة حُجِبوا في الانتهاء عما خَصَّ به السعداء من المغفرة والرحمة.
ويقال حجاب وأي حجاب! لا يُرفَع بحيلة ولا تنفع معه وسيلة.
حجابٌ سبق به الحكم قبل الطاعة والجُرْم.
قوله جلّ ذكره: {وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًا بِسِيمَاهُمْ}.
هؤلاء الأشراف خصوا بأنوار البصائر اليوم فأشرفوا على مقادير الخلْق بأسرارهم، ويشرفون غدًا على مقامات الكل وطبقات الجميع بأبصارهم.
ويقال يعرفونهم غدًا بسيماهم التي وجدوهم عليها في دنياهم؛ فأقوامٌ موسومون بأنوار القرب، وآخرون موسومون بأنوار الرد والحجب.
قوله جلّ ذكره: {وَنَادَوْا أَصْحَابَ الجَنَّةِ أَن سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ}.
سَلِمُوا اليومَ عن النكرة والجحودِ، وأكرِمُوا بالعرفان والتوحيد.
وسلموا غدًا من فنون الوعيد، وسَعِدُوا بلطائف المزيد. وتحققوا أنهم بلغوا من الرتب ما لم يَسْمُ إليه طرْفُ تأميلهم، ولم يُحِطْ بتفصيله كُنْهُ عقولهم. اهـ.

.تفسير الآية رقم (47):

قوله تعالى: {وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُوا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (47)}

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
ولما دل ما تقدم على أنهم مقبلون على الجنة وأهلها، قال مرغبًا مرهبًا: {وإذا صرفت} بناه للمفعول لأن المخيف لهم الصرف لا كونه من معين {أبصارهم} أي صرفها صارف من قبل الله بغير اختيار منهم {تلقاء} أي وجاه {أصحاب النار} أي بعد استقرارهم فيها فرأوا ما فيها من العذاب {قالوا} أي أصحاب الأعراف حال كونهم لم يدخلوها وهم يخافون مستعيذين منها {ربنا} أي أيها المحسن إلينا في الدنيا بكل إحسان وفي الآخرة بكونك لم تدخلنا إلى هذا الوقت إلى النار {لا تجعلنا مع القوم الظالمين} بأن تدخلنا مدخلهم. اهـ.

.اللغة:

{تَأْوِيلَهُ} عاقبة أمره وما يئول إليه من آل يئول إذا صار إليه.
{استوى} الاستواء: العلوّ والاستقرار قال الجوهري: استوى على ظهر الدابة استقرّ: واستوى إلى السماء قصد، واستوى الشيءُ إذا اعتدل.
{يُغْشِي} يغطيّ.
{حَثِيثًا} سريعًا والحثُّ: الإِعجال والسرعة.
{تَبَارَكَ} تفاعل من البركة وهي الكثرة والاتساع قال الأزهري: تبارك أي تعالى وتعاظم وارتفع.
{تَضَرُّعًا} تذللًا واستكانة وهو إظهار الذل الذي في النفس مع الخشوع.
{وَخُفْيَةً} سرًا.
{بُشْرًا} مبشرة بالمطر.
{أَقَلَّتْ} حملت.
{نَكِدًا} العِسر القليل.
{آلاء} [النجم: 55] الآلاء النِّعَم واحدها لَى كمِعَى. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

وأما قوله تعالى: {وَإِذَا صُرِفَتْ أبصارهم تِلْقَاء أصحاب النار} فقال الواحدي رحمه الله التلقاء جهة اللقاء، وهي جهة المقابلة، ولذلك كان ظرفًا من ظروف المكان يقال فلان تلقاءك كما يقال هو حذاءك، وهو في الأصل مصدر استعمل ظرفًا، ثم نقل الواحدي رحمه الله بإسناده عن ثعلب عن الكوفيين والمبرد عن البصريين أنهما قالا: لم يأت من المصادر على تفعال إلا حرفان تبيان وتلقاء، فإذا تركت هذين استوى ذلك القياس، فقلت في كل مصدر تفعال بفتح التاء، مثل تسيار وترسال.
وقلت في كل اسم تفعال بكسر التاء، مثل تمثال وتقصار، ومعنى الآية: أنه كلما وقعت أبصار أصحاب الأعراف على أهل النار تضرعوا إلى الله تعالى في أن لا يجعلهم من زمرتهم.
والمقصود من جميع هذه الآيات التخويف، حتى يقدم المرء على النظر والاستدلال، ولا يرضى بالتقليد ليفوز بالدين الحق، فيصل بسببه إلى الثواب المذكور في هذه الآيات، ويتخلص عن العقاب المذكور فيها. اهـ.

.قال ابن عطية:

والضمير في قوله: {أبصارهم} عائد على أصحاب الأعراف، فهم يسلمون على أصحاب الجنة وإذا نظروا إلى النار وأهلها دعوا الله في التخليص منها، قاله ابن عباس وجماعة من العلماء وقال أبو مجلز الضمير لأهل الجنة وهم لم يدخلوها بعد، وقوله: {صرفت} معطية ما هنالك من هول المطلع. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النار} أي جهة اللقاء وهي جهة المقابلة.
ولم يأت مصدر على تِفْعال غيرُ حرفين: تِلقاء وتِبيان.
والباقي بالفتح؛ مثل تَسْيار وتَهمام وتَذكار.
وأما الاسم بالكسر فيه فكثير؛ مثل تِقصار وتِمثال.
{قَالُواْ} أي قال أصحاب الأعراف.
{رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا مَعَ القوم الظالمين} سألوا الله ألاّ يجعلهم معهم، وقد علموا أنه لا يجعلهم معهم.
فهذا على سبيل التذلّل؛ كما يقول أهل الجنة: {رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا} [التحريم: 8] ويقولون: الحمد لله.
على سبيل الشكر لله عز وجل.
ولهم في ذلك لَذّةٌ. اهـ.

.قال الخازن:

قوله تعالى: {وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار} يعني وإذا صرفت أبصار أصحاب الأعراف تلقاء أصحاب النار يعني وجاههم وحيالهم فنظروا إليهم وإلى سواد وجوههم وما هم فيه من العذاب {قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين} يعني الذين ظلموا أنفسهم بالشرك، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: إن أصحاب الأعراف إذا نظروا لأهل النار وعرفوهم قالوا: ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين والمعنى أن أصحاب الأعراف إذا نظروا إلى أهل النار وما هم فيه من العذاب تضرعوا إلى الله تعالى وسألوه أن لا يجعلهم منهم. اهـ.

.قال أبو حيان:

قرأ الأعمش وإذا قلبت {أبصارهم} والضمير في أبصارهم عائد على رجال الأعراف يسلّمون على أهل الجنّة وإذا نظروا إلى أهل النّار دعوا الله في التخلّص منها قاله ابن عباس وجماعة، وقال أبو مجلز: الضمير لأهل الجنة وهم لم يدخلوها بعد وفي قوله: {صرفت} دليل أنّ أكثر أحوالهم النظر إلى تلقاء أصحاب الجنة وأن نظرهم إلى أصحاب النار هو بكونهم صرفت أبصارهم تلقاءهم فليس الصّرف من قبلهم بل هم محمولون عليه مفعول بهم ذلك لأنّ ذلك المطلع مخوف من سماعه فضلًا عن رؤيته فضلًا عن التلبيس به والمعنى أنهم إذا حملوا على صرف أبصارهم ورأوا ما هم عليه من العذاب استغاثوا بربّهم من أن يجعلهم معهم ولفظه {ربنا} مشعرة بوصفه تعالى بأنه مصلحهم وسيدهم وهم عبيد فبالدعاء به طلب رحمته واستعطاف كرمه. اهـ.

.قال أبو السعود:

{وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار} أي إلى جهتهم، وفي عدم التعرض لتعلق أنظارهم بأصحاب الجنة والتعبير عن تعلق أبصارهم بأصحاب النار بالصرف إشعار بأن التعلق الأول بطريق الرغبة والميل الثاني بخلافه {قالوا} متعوذين بالله تعالى من سوء حالهم {ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين} أي في النار، وفي وصفهم بالظلم دون ما هم عليه حينئذ من العذاب وسوء الحال الذي هو الموجب للدعاء إشعار بأن المحذور عندهم ليس نفي العذاب فقط بل مع ما يوجبه ويؤدي إليه من الظلم. اهـ.

.قال الألوسي:

{وَإِذَا صُرِفَتْ أبصارهم تِلْقَاء أصحاب النار} أي إلى جهتهم وهو في الأصل مصدر وليس في المصادر وما هو على وزن تفعال بكسر التاء غيره وغير تبيان وزلزال ثم استعمل ظرف مكان بمعنى جهة اللقاء والمقابلة ويجوز عند السبعة إثبات همزته وهمزة {أصحاب} وحذف الأولى وإثبات الثانية.
وفي عدم التعرض لتعلق أنظارهم بأصحاب الجنة والتعبير عن تعلق أبصارهم بأصحاب النار بالصرف إشعار كما قال غير واحد بأن التعلق الأول بطريق الرغبة والميل والثاني بخلافه، فمن زعم أن في الكلام الأول شرطًا محذوفًا لم يأت بشيء {قَالُواْ} متعوذين بالله سبحانه من سوء ما رأوا من حالهم {رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا مَعَ القوم الظالمين} أي لا تجمعنا وإياهم في النار.
وفي وصفهم بالظلم دون ما هم عليه حينئذٍ من العذاب وسوء الحال الذي هو الموجب للدعاء إشعار بأن المحذور عندهم ليس نفس العذاب فقط بل ما يؤدي إليه من الظلم.
وفي الآية على ما قيل إشارة إلى أنه سبحانه لا يجب عليه شيء.
وزعم بعضهم أنه ليس المقصود فيها الدعاء بل مجرد استعظام حال الظالمين.
وقرأ الأعمش {وَإِذَا وأعمى أبصارهم}.
وعن ابن مسعود وسالم مثل ذلك. اهـ.